This article by BryanT. Edwards was first published in English in the Chronicle.
لنتعلّم اللغة العربيّة من أجل عالمٍ أفضل
نشر فى :
السبت 30 مايو 2015 - 9:30 ص
| آخر تحديث :
السبت 30 مايو 2015 - 9:30 ص
قبل أربعة وسبعين عاما، نشر هنرى لوس مقاله المعنون باسم «القرن
الأمريكى»، والذى قال فيه إنّ الثقافة الأمريكية من الممكن أن تلعب دور
البطولة فى خلق بيئة عالميّة تزدهر فيها الولايات المتّحدة الأمريكية. كانت
اللغة الأمريكية من بين أبرز أمثلته على ذلك، ليست الإنجليزيّة فحسب، بل
اللهجة الأمريكية العاميّة التى ستنتقل إلى العالم من خلال الموسيقى،
والأفلام، والكوميديا، والثقافة الشعبيّة. كان ذلك بالنسبة للوس علامة على
العالميّة التى لم يعترف بها الأمريكيون أنفسهم حتّى ذلك الحين.
فى يومنا هذا لا يشكّ سوى قلّة قليلة فى قوّة وامتداد الثقافة الأمريكية عالميا، أو فى كون البلد قوّة دوليّة. إذ اتّبعت الكليّات منهجا فى طريقة التعليم حول العالم يختلف بشكلٍ كبير عمّا كانت تقوم به فى عام 1941، وأخذت الدراسات الأمريكية تسعى لتكون أكثر عالميّة فى آفاقها العامّة. الآن الكثير من اللغات الأجنبيّة تدرّس مقارنة بما هو عليه الحال فى زمن لوس، وأضحت الدراسة فى الخارج بمثابة وسيلة عبور بالنسبة للعديد من الطلاب.
مع ذلك فإنّ زحفا أحادىّ اللغة يكاد يهيمن على التعليم العالى، على الرغم من الجهود الحثيثة للكثيرين. والدلائل على ذلك كثيرة وفى كل مكان: جامعات كثيرة تغلق أقسام اللغة الألمانيّة، وتوقف برامج دراسة الروسيّة والفرنسيّة، ومتطلبات اللغات الأجنبيّة العامّة فى تقهقرٍ مستمر. بصورة عامةّ، تراجع معدّل التسجيل فى كليّات اللغات بواقع 6.7 بالمئة فى الفترة بين 2009 و2013، بحسب رابطة اللغات الحديثة. فعلى الرغم من نمو ظاهرة الدراسة فى الخارج، إلاّ أنّ سهولة دراسة طلاب الكليّات لفروعهم باللغة الإنجليزيّة تتزايد فى بلدان مثل الأردن، وجمهوريّة التشيك، وفرنسا، وتركيا. يساهم الشعور المتزايد بأنّ الإنجليزيّة قد أصبحت لغة عالميّة مشتركة فى تنامى شعور مؤسف بأنّ تعلّم لغات أخرى أمر لا طائل من وراءه.
تعتبر اللغة العربيّة اللغة الخامسة الأكثر شيوعا فى العالم، مع ما لا يقل عن 295 مليون شخص من الناطقين بها كلغة أمّ. وهى لغة محكيّة فى 60 بلدا، وهو الرقم الثانى بعد الإنجليزيّة فقط. وهذا يعنى وجود وظائف هناك لمن يتحدّثون العربيّة بطلاقة، وطيف واسع من الفرص فى القطاعين العام والخاص، ويتضمّن ذلك آفاقا ما كنّا لنتصوّرها. لكنّ هذا ليس هو السبب الوحيد – أو حتّى الرئيسى – لدعم دراسة اللغة العربيّة.
إن دراسة اللغة العربيّة أمر جيّد أخلاقيّا ومسألة تهمّ مصالحنا القوميّة. حيث أنّ إعداد جيل جديد يفهم ويتحاور بالعربيّة قد يساعد فى عكس سوء فهم الجيل السابق للعالم العربى، خصوصا مع إستمرار جرائم الكراهيّة ضدّ المسلمين، والقلق حيال سوء الفهم المتعلّق بالعالم العربى.
كما أنّها واحدة من أصعب اللغات أيضا، مع العديد من اللهجات الوطنيّة بالإضافة للمستوى الرسمى منها والذى يمتاز بالتعقيد والثراء النحوى. يكمن جزء ممّا يعيق دراسة اللغة العربيّة فى الولايات المتّحدة فى معارضة تبنّى العلاقة بين هذه الأشكال المتنوّعة.
تصنّف اللغة العربيّة ضمن الفئة الرابعة من اللغات من قبل وزارة الخارجيّة (مع لغة الماندرين «الصينيّة»، واليابانيّة، والكوريّة)، وهو مستوى اللغات الأكثر صعوبة. ويشير هذا فى الغالب إلى تعقيد قواعد اللغة العربيّة الفصحى. لذا تتطلّب دراسة اللغة العربية أربع سنوات فى الكلية، فيما تحتاج سنين أطول لتحقيق مهارة ما فى اللغة العربيّة الفصحى أكثر مما تحتاجه مع اللغة الفرنسيّة أو الإسبانيّة. ويتطلّب ذلك تفانى ومثابرة الطلاب الأمريكيين من أجل إحراز تقدّم.
قد تكون إحدى طرق التغلّب على هذا التحدّى فى إعطاء اللهجات وقتا أكثر فى الفصول الدراسيّة، حيث إنّها أسهل نسبيّا فى التعلّم من العربيّة الفصحى المعاصرة، وأن تضعها فى قلب التدريس فى الكليّة. فى الكليّات التى تقدّم برامج لدراسة العربيّة، يتم تعليم اللهجات بصورة عامّة فى دورات إضافيّة، وبشكلٍ هامشى إلى جانب اللغة الرسميّة. فيما تقوم برامج قليلة فى الولايات المتّحدة الأمريكية بما يزيد عن تقديم حصص متباعدة، أو أكثر من لهجة واحدة (غالبا المصريّة، وأحيانا الشاميّة).
يجب أن يتغيّر هذا، وهناك إشارات على إمكانيّة حصول التغيير.
أعاد برنامج تدريس اللغة العربيّة الرائد فى جامعة تكساس فى أوستن النظر فى الفصل بين العربيّة الرسميّة والعاميّة، ويقوم الآن بدمجهما معا بشكلٍ أكثر تكاملا. فيما تضع الطبعة الثالثة الجديدة من الكتاب المنهجى «الكتاب» الشائع الاستعمال والذى تطبعه جامعة جورج تاون اللهجات المتنوّعة فى محور الدراسة.
عندما يتبنّى المدرّسون الأمريكيون فهما كاملا بأنّ اللغة العربيّة لغة حيّة، وبأنّنا نحتاج لأن نتحاور بها، قد نبدأ فى التحرّك لتجاوز الحوار الأحادى الجانب لمنطق القرن الأمريكى المتضمّن فى مقال هنرى لوس. فبعد القرن الأمريكى، سيساعدنا الجيل الجديد من طلاب الكليّات – والمواطنين بطبيعة الحال – لأن نصغى وننخرط بحماس مع جزء كبير من العالم فى المستقبل.
فى يومنا هذا لا يشكّ سوى قلّة قليلة فى قوّة وامتداد الثقافة الأمريكية عالميا، أو فى كون البلد قوّة دوليّة. إذ اتّبعت الكليّات منهجا فى طريقة التعليم حول العالم يختلف بشكلٍ كبير عمّا كانت تقوم به فى عام 1941، وأخذت الدراسات الأمريكية تسعى لتكون أكثر عالميّة فى آفاقها العامّة. الآن الكثير من اللغات الأجنبيّة تدرّس مقارنة بما هو عليه الحال فى زمن لوس، وأضحت الدراسة فى الخارج بمثابة وسيلة عبور بالنسبة للعديد من الطلاب.
مع ذلك فإنّ زحفا أحادىّ اللغة يكاد يهيمن على التعليم العالى، على الرغم من الجهود الحثيثة للكثيرين. والدلائل على ذلك كثيرة وفى كل مكان: جامعات كثيرة تغلق أقسام اللغة الألمانيّة، وتوقف برامج دراسة الروسيّة والفرنسيّة، ومتطلبات اللغات الأجنبيّة العامّة فى تقهقرٍ مستمر. بصورة عامةّ، تراجع معدّل التسجيل فى كليّات اللغات بواقع 6.7 بالمئة فى الفترة بين 2009 و2013، بحسب رابطة اللغات الحديثة. فعلى الرغم من نمو ظاهرة الدراسة فى الخارج، إلاّ أنّ سهولة دراسة طلاب الكليّات لفروعهم باللغة الإنجليزيّة تتزايد فى بلدان مثل الأردن، وجمهوريّة التشيك، وفرنسا، وتركيا. يساهم الشعور المتزايد بأنّ الإنجليزيّة قد أصبحت لغة عالميّة مشتركة فى تنامى شعور مؤسف بأنّ تعلّم لغات أخرى أمر لا طائل من وراءه.
•••
تعدّ اللغة العربيّة واحدة من اللغات التى تعانى من جراء هذا المناخ،
بسبب صعوبتها ومعارضة العديد من برامج تعليم اللغات تبنّى أشكالها العاميّة
المحكيّة. فعلى الرغم من كونها لغة الدراسة الأسرع نموّا منذ عام 2001،
إلا أنّ معدل التسجيل هبط بنسبة 7.5 بالمئة بين عامى 2009 و2013. ومع
التركيز العسكرى والسياسى الهائلين على الشرق الأوسط، يصبح من الضرورى أن
يتعلّم الأميركيّون العربيّة. فإذا ما كانت الولايات المتّحدة تحاول الفهم
عوضا عن القصف والغزو واحتلال جزءا من العالم والذى كان هاجس حكومتنا
الرئيسى لما يقرب من العقد والنصف من الزمن، فإنّ الكليات تحتاج بصورة
متزايدة لتدريس اللغة العربيّة بطريقة تنبض بالحياة. لم يحظ التعليم العالى
من قبل بدورٍ حيويّ ليلعبه فى تحقيق السلام مثلما هو عليه اليوم.تعتبر اللغة العربيّة اللغة الخامسة الأكثر شيوعا فى العالم، مع ما لا يقل عن 295 مليون شخص من الناطقين بها كلغة أمّ. وهى لغة محكيّة فى 60 بلدا، وهو الرقم الثانى بعد الإنجليزيّة فقط. وهذا يعنى وجود وظائف هناك لمن يتحدّثون العربيّة بطلاقة، وطيف واسع من الفرص فى القطاعين العام والخاص، ويتضمّن ذلك آفاقا ما كنّا لنتصوّرها. لكنّ هذا ليس هو السبب الوحيد – أو حتّى الرئيسى – لدعم دراسة اللغة العربيّة.
إن دراسة اللغة العربيّة أمر جيّد أخلاقيّا ومسألة تهمّ مصالحنا القوميّة. حيث أنّ إعداد جيل جديد يفهم ويتحاور بالعربيّة قد يساعد فى عكس سوء فهم الجيل السابق للعالم العربى، خصوصا مع إستمرار جرائم الكراهيّة ضدّ المسلمين، والقلق حيال سوء الفهم المتعلّق بالعالم العربى.
•••
أنا أدعم تعلّم وتعليم جميع لغات العالم، وأدير برنامجا يطلب من الطلاب
المتخصّصين لدينا تخصيص ثلاث سنوات على الأقل لدراسة واحدة من لغات الشرق
الأوسط الأربع: العربيّة، والعبريّة، والفارسيّة، والتركيّة. لكنّنى أركّز
على أهميّة اللغة العربيّة هنا لأنّها اللغة الأكثر استخداما فى المنطقة –
فهى اللغة الرسميّة أو الرسميّة المشتركة فى 24 بلدا – ويبدو أنّ الإقبال
الكبير على دراستها فى كليّات الولايات المتّحدة يتماشى مع شعبيّتها
وأهميّتها فى العالم.كما أنّها واحدة من أصعب اللغات أيضا، مع العديد من اللهجات الوطنيّة بالإضافة للمستوى الرسمى منها والذى يمتاز بالتعقيد والثراء النحوى. يكمن جزء ممّا يعيق دراسة اللغة العربيّة فى الولايات المتّحدة فى معارضة تبنّى العلاقة بين هذه الأشكال المتنوّعة.
تصنّف اللغة العربيّة ضمن الفئة الرابعة من اللغات من قبل وزارة الخارجيّة (مع لغة الماندرين «الصينيّة»، واليابانيّة، والكوريّة)، وهو مستوى اللغات الأكثر صعوبة. ويشير هذا فى الغالب إلى تعقيد قواعد اللغة العربيّة الفصحى. لذا تتطلّب دراسة اللغة العربية أربع سنوات فى الكلية، فيما تحتاج سنين أطول لتحقيق مهارة ما فى اللغة العربيّة الفصحى أكثر مما تحتاجه مع اللغة الفرنسيّة أو الإسبانيّة. ويتطلّب ذلك تفانى ومثابرة الطلاب الأمريكيين من أجل إحراز تقدّم.
•••
علاوة على ذلك، فإنّ تعلّم اللغة العربية الفصحى الرسميّة لا يساعد طلبة
الكليّات من الأمريكيين فى تحدّث اللهجات المحلية إلاّ قليلا، لأنّ كلاّ
منها يمتاز بصيغ عاميّة متميّزة عن غيرها نسبيّا. فكّر فى الفروقات بين
اللغتين البرتغاليّة والإيطاليّة، أو الإسبانيّة والفرنسيّة، وسيكون لديك
فهم مقارب للفوارق بين العربيّة المغربيّة واللبنانيّة، أو المصريّة
والعراقيّة. لا أحد فى العالم العربى يتحدّث العربيّة الفصحى المعاصرة فى
حياته اليوميّة، على الرغم من أنّ الصيغة الرسميّة تستعمل فى المطبوعات،
والأدب، والأبحاث، وبصيغة معدّلة فى وسائل الإعلام.قد تكون إحدى طرق التغلّب على هذا التحدّى فى إعطاء اللهجات وقتا أكثر فى الفصول الدراسيّة، حيث إنّها أسهل نسبيّا فى التعلّم من العربيّة الفصحى المعاصرة، وأن تضعها فى قلب التدريس فى الكليّة. فى الكليّات التى تقدّم برامج لدراسة العربيّة، يتم تعليم اللهجات بصورة عامّة فى دورات إضافيّة، وبشكلٍ هامشى إلى جانب اللغة الرسميّة. فيما تقوم برامج قليلة فى الولايات المتّحدة الأمريكية بما يزيد عن تقديم حصص متباعدة، أو أكثر من لهجة واحدة (غالبا المصريّة، وأحيانا الشاميّة).
يجب أن يتغيّر هذا، وهناك إشارات على إمكانيّة حصول التغيير.
أعاد برنامج تدريس اللغة العربيّة الرائد فى جامعة تكساس فى أوستن النظر فى الفصل بين العربيّة الرسميّة والعاميّة، ويقوم الآن بدمجهما معا بشكلٍ أكثر تكاملا. فيما تضع الطبعة الثالثة الجديدة من الكتاب المنهجى «الكتاب» الشائع الاستعمال والذى تطبعه جامعة جورج تاون اللهجات المتنوّعة فى محور الدراسة.
عندما يتبنّى المدرّسون الأمريكيون فهما كاملا بأنّ اللغة العربيّة لغة حيّة، وبأنّنا نحتاج لأن نتحاور بها، قد نبدأ فى التحرّك لتجاوز الحوار الأحادى الجانب لمنطق القرن الأمريكى المتضمّن فى مقال هنرى لوس. فبعد القرن الأمريكى، سيساعدنا الجيل الجديد من طلاب الكليّات – والمواطنين بطبيعة الحال – لأن نصغى وننخرط بحماس مع جزء كبير من العالم فى المستقبل.
بريان ت. إدواردز
أستاذ مساعد للغة الإنجليزيّة ودراسات الأدب المقارن، والرئيس المؤسّس لبرنامج دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى جامعة نورث وسترن
أستاذ مساعد للغة الإنجليزيّة ودراسات الأدب المقارن، والرئيس المؤسّس لبرنامج دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى جامعة نورث وسترن
نُشرت هذه المقالة لأول مرة باللغة الإنجليزية فى مجلة الكرونيكل وبالعربية على موقع الفنار للإعلام
التعليقات